أوصى متحدثون بتضافر الجهود لحماية الأسرة من "فتنة التكنولوجيا" التي أحدثها الإنترنت، ووسائل التواصل في البنية الاجتماعية، وتحسين الإطار القانوني الناظم للجرائم الإلكترونية.
جاء ذلك خلال ورشة عمل نظمها مركز تطوير الإعلام التابع لجامعة بيرزيت، في مقره بمدينة غزة، تناولت قضية "سوء استخدام وسائل التوصل الاجتماعي وأثره على الأسرة"، وناقشت متابعات تحقيق الزميل جمال غيث بالخصوص، ضمن مشروع "قوة الحريات طرق لكسر القيود".
وكان الزميل غيث قد نشر في مايو/ أيار الماضي تحقيقًا "القضاء الشرعي: وسائل التواصل الاجتماعي زادت معدلات الطلاق في غزة"، تناول فيه حالات متضررة، ورَأْي القضاء ومراكز المرأة ومستشارين حقوقيين، وتعرض لتحليل الواقع القانوني الذي ينطبق على حالات الطلاق القائمة على هذا النوع من المشاكل الزوجية.
وحث المشاركون في الورشة التي أدارها الصحفي غيث المؤسسات المعنية العاملة في قطاع غزة، باتخاذ إجراءات فعالة لحماية المجتمع وتحصينه من تداعيات سوء استخدام شبكات التواصل في ظل التطورات التكنولوجية السريعة، وإطلاق حملات توعوية شاملة تهدف إلى تعزيز وعي المواطنين بأخطار الاستخدام غير المسؤول للإنترنت.
الضبط الاجتماعي
وأكد المحامي والمستشار القانوني، أحمد المصري، أن الاستخدام السيء لشبكة الإنترنت أوصل العديد من الأزواج للوقوع في خلافات عائلية وأسرية، انتهت معظمها بالطلاق، مشيراً إلى إطلاعه ووقوفه على العديد من القضايا بهذا الخصوص.
وشدد المصري على ضرورة حماية المجتمع من السقوط في آفة الاستخدام غير المنضبط للإنترنت، "وحث الزوجين على إدارة هذه الخطورة وأثرها في تدمير العلاقات الأسرية"، لافتاً إلى أن العديد من القضايا "يمكن حلها في وقت مبكر إذا ما تم تدارك المسألة".
وتحدث عن أهمية التنشئة الأسرية للأبناء بقواعد وضوابط استخدام الإنترنت اجتماعيًّا ودينيًّا، مشيراً إلى أن تعزيز الوازع الديني في نفوس الأبناء يحميهم من السقوط في وحل شبكات التواصل الاجتماعي.
وطالب المصري المشرع الفلسطيني بتطوير القوانين المعمول بها، والصادرة عن الانتداب البريطاني منذ عام 1936، بما يتناسب مع الثورة التكنولوجية التي دخلت كل بيت، بحيث تراعي هذه القوانين انتهاك الخصوصيات الرقمية أو التحرش الرقمي وغيرها من القضايا.
وحث كذلك جهاز الشرطة الفلسطينية على إيلاء هذا النوع من القضايا مساحة أكبر من المتابعة، ومحاسبة من يسيء استخدام الإنترنت.
تمكين المجتمع
من جانبها، أكدت منسقة المناظرة والإعلام في جمعية عايشة لحماية المرأة والطفل، بسمة الكرد، بذل جمعيتها جهودًا جبّارة لتمكين المجتمع وحماية الأسرة والأطفال في شتى المجالات، وخاصة من الوقوع ضحايا الاستخدام السيء للإنترنت.
وقالت الكرد: إن "عائشة" تعمل على التوعية بالاستخدام السيء للشبكة العنكبوتية ومخاطرها، وتقدم الحماية والدعم للأفراد الذين يتعرضون للإساءة عبر هذه الوسائل.
وشددت على أهمية التوعية بأخطار سوء استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، وضرورة حماية الأسرة والأطفال من التفكك.
وأشارت إلى دور الجمعيات النسوية في تقديم الحماية والدعم لهذه الفئات، من خلال التعاون مع المؤسسات الحكومية، والمنظمات الحقوقية لمعالجة قضاياهم ومشكلاتهم.
اختلالات قانونية
بدوره، أكد المدير العام للشؤون القانونية في المجلس التشريعي، أمجد الأغا، أن تطور التكنولوجيا، وسوء استخدام الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، أدى إلى زيادة الخلافات العائلية والأسرية.
وقال الأغا: "غني عن القول بأن الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، فكما توظف إيجابيًّا، وتخدم مستخدميها في مختلف مجالات الحياة، فهي في الوقت نفسه يمكن أن تتسبب بأضرار جسيمة".
وأشار الأغا، إلى أن "القانون الفلسطيني يتماشى مع التطورات لحماية المجتمع من الاستخدام السلبي للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي"، مبيناً أن مشروع "قانون الجرائم الإلكترونية" لا يزال "قيد النظر" من قبل المجلس التشريعي الفلسطيني للموافقة عليه.
وفي عام 2009م صدر قانون معدل لقانون العقوبات رقم (74) لسنة 1936م، وأدخل عليه "جريمة إساءة استخدام التكنولوجيا" حيث تم تجريم ثلاثة أوجه أساسية، هي: التجسس الصوتي "التنصت"، والتقاط الصور خلسة، والترويج للمواد المخلة أو التسبب بإزعاج الغير.
وذكر المصري أن تطبيق قانون إساءة استخدام التكنولوجيا، "يشوبه بعض الاختلالات نتيجة تدخلات خارجية، وبعض الإشكاليات لدى النيابة العامة كعدم وجود كادر بشري مؤهل لكشف الجرائم الإلكترونية، ولأن بعض الجرائم عابرة للقارات والحدود".
وأردف بالقول: "نحن بحاجة إلى قانون متكامل للجرائم الإلكترونية يعالج مسألة الإثبات الإلكتروني، والتحقق منها، ويؤهل مباحث خاصة لعلاج تلك الإشكاليات".
أعرب المصري عن أسفه من بعض الأعراف الاجتماعية "البالية"، وبعض العادات والتقاليد التي "أصبحت تتفوق على نص القانون وبات البعض يسميه بالقضاء غير النظامي"، داعيًا الجميع إلى تحمل مسؤولياته من أجل تطبيق القانون.